كتاب الاغتراب في حياة وشعر الشريف الرضي

عزيز السيد جاسم

الفكر والثقافة العامة

كتاب الاغتراب في حياة وشعر الشريف الرضي بقلم عزيز السيد جاسم..إن نداء الشريف الرضي الذي امتدَّ حرف النداء فيه (يا) مع المنادى (الغريب) إلى ما لا محطة له، ولا نهاية، عبر الزمن، هو الصوت الذي يسكن أعماقه الموحشة، ويركب لسانه الذي لا يكفّ عن اللهج والتحسس فتظل المناداة الصارخة: يا غريب الديار صبري عجيبٌ مدخلاً لتفسير اغتراب الشاعر وغربته التي تتجاوز في المعنى كل شقاء.


إن العناصر الأساسية المكونة للاغتراب الروحي في التجربة الحياتية والشعرية للشريف الرضي هي أولاً: الأصل الفجائعي للسلالة الهاشمية، وأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بالذات. ثانياً: الزهد والمعرفة الدينية وهما من سمات السلالة ومن ارثهما المنقول من الآباء إلى الأبناء.

ومن هنا يمكن القول بأن اغتراب الشريف الرضي وغربته انبثقتا من الفجيعة الأليمة والمأساة التي لا مثيل لها، من تلك البداية الجليلة، في يوم عاشوراء. وفي هذا الإطار جاء هذا الكتاب الذي يتضمن دراسة نظرية تحليلية هدفها إبراز معالم الاغتراب في حياة وشعر الشريف الرضي. وذلك من خلال إلقاء الضوء على أسباب هذا الاغتراب وتأثيرها على إنتاجه الشعري.

الشريف الرضي انموذج الشاعر المبدع الذي سقى زرعه بالإغتراب العميق، وبعيد الغور، والمتجذر في النفس، وفي الزمان، وفي الكان، وتبرز الغربة في شعره عبر مئات الصور الشعرية الحزينة، والرثائية، والبكائية، مثلما هي بارزة في حياته التي تقسمتها التعاسات.

ويعتبر منطلق الإغتراب، وأساسه العميق في نفسية وحياة وشعر السيد الرضي، ثنائي المجد والفجيعة، الذي اكتسب بعده التاريخي في قطاع طويل من المسلمين، هو قطاع الطالبين، والذي أصبح بامتداده عبر الحقب الزمنية ذا سمات ايديولوجية واجتماعية راسخة.

ويقوم الثنائي المذكور على حقيقتين تنطويان على مفارقة مأساوية: الحقيقة الأولى مجد الشريف الرضي وأسرته الذي ينطلق في الحسب والنسب من الإمام علي بن ابي طالب وأهل بيت النبي.

أما الحقيقة الثانية فهي مقاتل الطالبيين، والفجيعة الحسينية الكبرى.

وتكمن المفارقة الدامية أن النسب المجيد، بدلاً من أن يقود إلى امتياز مكانة الحق والقيادة وتصريف أمور الناس من قبل سلالة أهل بيت النبي، فإنه قادهم إلى حتوفهم، وإلى مواضع الإضطهاد العاتي.

والطعنة الغادرة التي أنهت حياة الدنيا لعلي بن أبي طالب كانت قد وضعت أهل البيت في نقطة المفترق. في حين جاء استشهاد الحسين بن علي يوم الجمعة العاشر من محرم سنة احدى وستين، ذروة المأساة التي تترد صيحتها بين جنبات العالم الإسلامي بهدير لم يهدأ أبداً بل في ازدياد. 

شارك الكتاب مع اصدقائك