كتاب التحليل اللغوي عند مدرسة أكسفورد

صلاح إسماعيل عبد الحق

الفكر والثقافة العامة

كتاب التحليل اللغوي عند مدرسة أكسفورد بقلم صلاح إسماعيل عبد الحق..مع ظهور فلاسفة أكسفورد في أواخر الثلاثينيات بدأ منهج التحليل اللغوي يتصدر فلسفة العالم الناطق بالإنجليزية؛ ثم احتلَّ موقع الصدارة في أربعينيات وخمسينيات القرن ولا يزال متربعًا على عرش الفلسفة دون أن تنال من مكانته الانتقادات الحادة التي تعرض لها من قبل خصومه. نشأت مدرسة اكسفورد –أولا– تحت التأثير الإيجابي المباشر لأطروحات فتجنشتين الذي كان يرى أن وظيفة الفلسفة هي توضيح منطق اللغة والفحص الدقيق لكيفية عملها –أو على حد تعبيره الشهير: "الفلسفة معركة ضد افتتان عقولنا باللغة"،

 وكرد فعل –ثانيا– على ما انتهى إليه الوضعيون المناطقة من نظرية ترى أن القضايا التجريبية وقضايا تحصيل الحاصل هي العبارات الوحيدة ذات المعنى وأن كل أنواع العبارات الأخرى هي من قبيل اللغو بما يعنيه هذا من تضييق لوظيفة الفلسفة واستبعاد مجالات الميتافيزيقا والأخلاق والجمال من حقل التأمل الفلسفي طالما أن مسائلها وقضاياها خارج دائرة المعنى أصلا.
لقد أنجز فلاسفة أكسفورد (أوستن – رايل – ستراوسون – نويل سميث – أشعيا برلين – وارنوك ... الخ ) انقلابا فلسفيا –إن صح التعبير– على الأفكار الرئيسية للوضعية المنطقية؛ فبدلا من نظرية امكانية التحقق للمعنى التي تسمح للغة بوظيفة واحدة هي الوصف أو التقرير أحل فلاسفة اكسفورد نظرية الاستعمال للمعنى التي كشفت عن استعمالات أخرى للغة ليس الوصف إلا واحدا منها؛ كما قادتهم نظريتهم الى أنه ليس للتعبيرات اللغوية من معنى ثابت ومستقل تماما على المتكلم والسياق؛ فما من معنى للعبارات إلا في سياق محدد مع أخذ المتكلم بعين الاعتبار.
ولعل النتيجة المثيرة –المترتبة على تحليل فلاسفة أكسفورد لوظيفة اللغة ونظريتهم في المعنى– هي ما انتهوا اليه من أن لكل نمط من القضايا نوعًا خاصًّا من المعنى؛ مما أتاح لهم اضفاء الشرعية –أو ردها– على المباحث الفلسفية في الميتافيزيقا والأخلاق والجمال بعد أن كان الوضعيون المناطقة قد أخرجوا قضاياهم من حيز التفلسف. 

شارك الكتاب مع اصدقائك