كتاب السيد رشيد رضا أو إخاء أربعين سنة

شكيب أرسلان

الأدب

كتاب السيد رشيد رضا أو إخاء أربعين سنة بقلم شكيب أرسلان..قد قضت العقول وأيدت حكمها التجارب التى قد تكون العقول نتيجة تكرارها- أن الإنسان فى هذه الحياة الدنيا لا يلات شيئا من أعماله, وأن هذه لن تخفى على الناس مهما حيل بينهما وبينهم, وأنه لن يطمسها طامس, ولن يقدر أن يغمط من حقها غامط, مهما حاول المحاولون, وكابر المكابرون.



وهذا فى هذه الحياة الدنيا التى أكثر ما فيها الظلم, وأفشى ما فيها الباطل, فكيف تكون الحال فى الآخرة التى هى بحبوحة الحق, ودار الجزاء, والتى لا يظلم فيها أحد فتيلا,قال تعالى: (نوف إليهم اعمالهم فيها وهم لا يبخسوف).

وما أحرى عباد الله بأن يتبأدبوا بأدب الله فيتعودوا إنصاف بعضهم بعضا,ويذكروا كل إنسانبعمله غير منقوص,ويؤدوا إليه حقه غير مبخوس, حتى يرغب الفاضل فى الاحدوثة الحسنة فيستكثر من الخير,ويعلم الفاجر أن عليه من ألسنة الخلق حسبيا, ومن أعنيهم رقيبا, فيتنكب طريق الشر.

وقد أشار الله أيضا إلى وجوب القسط وجعله من العزائم المفروضة, فقال : (ولا تبخسوا الناس أشياءهم), وقال: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمنات إالى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل).

وقد سار أولو الخلق من الخلق على هذه الخطة الرشيدة, و أخذوا بهذه السنة القويمة منذ تأسس المجتمع الإنسانى على وجه الارض, فركزوا من تزكى, وأثنوا على المحسن بما احسن, وذكروا المسىء أو المسرف بما يستحقه الوصف, وإن استنكفوا عن القدح فيه علنا من باب التعفف.

وبعد هذا فلا شك فى أنه إذا وزن عمل كل من أعيان هذا العصر بل من أعيان كل عصر كان السيد الإمام محمد رشيد رضا من أرجحهم ميزانا, وأوفاهم قسطا, لا يجحد ذلك إلا من رانت عليه الضلالة, أو أعماه الغرض.

و إنى لأجد نشر مناقبه والتنويه بقدره والإشادة بحسناته الكثيرة والإشادة لبراهينه الساطعة من عزائم الله الموجبهة وفرائضه المبرمة عملا بقوله تعالى: (وزنوا بالقسطاس المستقيم).

هذا مضافا إلى ماكان بيننا من الإخاء القديم, والذمام المتين, والرمى عن قوس واحدة والقتداء بإمام واحد.

لا جرام أنى أرى ترجمتى له دينا على لا يجوز أن ألوى به ما دامت لى أنامل تمسك القلم.

شارك الكتاب مع اصدقائك